سورية 2025: اتفاق قسد–دمشق ومسودة رفع العقوبات في مجلس الأمن
تحليل ميداني–قانوني لاتفاق قسد–دمشق ومشروع قرار رفع العقوبات وتداعياتهما.
يرسم التقرير ملامح لحظةٍ سورية بالغة الحساسية، حيث ينتقل مسار العلاقة بين قوات سورية الديمقراطية ودمشق من إدارةِ نزاعٍ مُزمن إلى تفاهمٍ مبدئي على الاندماج المؤسسي والأمني. تفيد المعطيات بأن مفاوضاتٍ مباشرة أفضت إلى اتفاقٍ على ضمّ قسد ضمن وزارتي الدفاع والداخلية، وتشكيل لجانٍ مشتركة لبحث الآليات العملية، بالتوازي مع إعلانٍ عن انخراط دمشق في الحرب على داعش كجزءٍ من شروط رفع العقوبات المدعوم أمريكيًا، وطرحٍ لتشكيل قوةٍ مشتركة تُعيد ترتيب القيادة والسيطرة وتُخفِّف الاحتكاكات على خطوط التماس. تتفرّع عن ذلك حزمة ملفات خدمية وإدارية (صحة، تعليم، خدمات)، ونقاشٌ دستوري حول إدراج بنود “اتفاق 10 آذار” بما يضمن الاعتراف بالحقوق الكردية في إطار لامركزيةٍ مُنظَّمة—وإن اختلفت المصطلحات بين الطرفين.
يتقاطع المسار نفسه مع اندفاعةٍ تركيةٍ نشِطة نحو ترتيبات واقعية شرق الفرات: لقاءاتٌ رفيعة متسارعة، وتحذيراتٌ للرئيس التركي لقسد من “طرقٍ خاطئة”، مقرونة بدعوةٍ إلى دعم وحدة الأراضي السورية على أن يؤدي الاندماج مع دمشق إلى تسريع التنمية وتبريد الهواجس الحدودية. في هذا السياق يُبحث فتح معبر القامشلي–نصيبين تحت إدارة دمشق، كما تَرِدُ مؤشراتٌ إلى إعادة هيكلة القوى المحلية (منها تغيير تسمية “جيش سورية الحرة” إلى قوات المهام الخاصة في البادية) وربطها بسلاسل قيادةٍ أوضح، مع حديثٍ عن إشراف أمريكي مباشر على ملف الأمن الداخلي عبر مسارات دمجٍ تدريجية. تعكس هذه الخطوط مزيجًا من المقايضات: تهدئة حدودية، وحوكمة محلية أقل تشظّيًا، ونافذة تعاون في إدارة الثروات (ولا سيما الحقول النفطية) بما يحدُّ من اقتصاد الحرب.
بموازاة ذلك، يقدّم المشهد الدولي فرصة سياسية–قانونية عبر مشروع قرارٍ أمريكي في مجلس الأمن (أكتوبر/تشرين الأول 2025)، مُصاغٍ بموجب الفصل السابع، يستهدف رفعًا أو تعليقًا مُنظّمًا للعقوبات المفروضة على سوريا تاريخيًا، مع الإبقاء على القيود بحق الكيانات المصنّفة إرهابية. يتضمن المشروع خطواتٍ عملية لإذابة تجميد الأصول واستئناف المعاملات المصرفية، وإعادة فتح القنوات الدبلوماسية، والسماح بمشاركاتٍ أممية في نزع الألغام وإعادة التأهيل وعودة النازحين، إضافةً إلى شطب أسماءٍ قيادية من القوائم السابقة وتمكين دور أممي أوسع في المتابعة والرقابة. تُشكِّل هذه العناصر معًا بنيةَ إعادة إدماجٍ تدريجية لسوريا في المنظومة المالية والدبلوماسية، بشرط اقترانها بمسارٍ داخلي قابلٍ للتحقق والقياس.
غير أن الطريق ليس خاليًا من العثرات: هشاشة الحوكمة تُهدِّد بتسرّب الموارد، واعتراض أطرافٍ داخلية وخارجية على شمول العملية قد يُبطئ الاعتراف العملي، فضلًا عن تحفّظ القطاع المصرفي الغربي بسبب مخاوف العقوبات الثانوية. لذلك، يوازن التقرير بين إمكانية استقرارٍ معيشي وأمني تولّده ترتيبات الدمج وتطبيع القنوات المالية، وبين مخاطر إعادة تدوير الهشاشة إذا لم تُدعَم بتعاقداتٍ شفافة، وضماناتٍ دستورية، وآلياتِ مساءلةٍ أممية. في المحصلة، تتجاور نافذتان: داخلية تُرمّم مؤسسات الحكم وتضبط السلاح ضمن أطرٍ قانونية محلية، ودولية تُخفّف القيود وتفتح التمويل تحت عين رقابية—وعلى تقاطع النافذتين يمكن أن يتكوّن مسارٌ أقلّ كلفة للخروج من أطول أزمات سوريا الحديثة.